понедельник, 4 апреля 2011 г.

الريش من روائع التصميم الذكي

يخفق النورس بجناحيه، فترفعه كل خفقة جناح صعودا نحو السماء. وحالما يصير محمولا في الجو، يحوم ويحلِّق دونما جهد مستفيدا من تيارات الهواء. فيبقى معلقا في الجو يكاد لا يتحرك إلا ليعدل قليلا زاوية جناحيه وذيله. فما الذي يمكّنه من الطيران بمثل هذه الرشاقة والبراعة؟ يلعب الريش دورا بارزا في هذه المعجزة.

تنفرد الطيور بأنها الحيوانات الوحيدة اليوم التي لها ريش. ولمعظم الطيور عدة انواع من الريش، أكثرها وضوحا الريش الكِفافي المتراكب الذي يعطيها شكلها الانسيابي الناعم. ويشمل الريش الكِفافي ريش الذنَب والجناحَين الذي لا غنى عنه للطيران. ولطائر الطنّان مثلا اقل من ٠٠٠,‏١ ريشة كِفافية، في حين قد يكون للتَّم اكثر من ٠٠٠,‏٢٥.
الريش هو من روائع التصميم. فالعِرْق الوسطي للريشة، المسمى العِراق، يمتاز بقوة كبيرة لكنه في الوقت نفسه مرن. وتمتد من العِراق صفوف من البُرائلات (الشُّعَيرات) المتراصّة التي تشكل نصل الريشة. وتلتصق البُرائلات الواحدة بالاخرى بواسطة مئات البُرَيئلات (الشُّعَيرات الدقيقة) المتناهية الصغر التي تتشابك مثل اسنان السحَّاب. وعندما تنفصل البُرَيئلات بعضها عن بعض، يكفي ان يسوي الطائر ريشه بمنقاره لتتشابك من جديد. ويمكنك انت ايضا ان تفعل الامر نفسه اذا مرَّرت برفق ريشة منَسَّلة بين اصبعيك.
يتميز ريش الطيران في الجناحَين خصوصا بكونه غير متناظر النصفَين، اذ ان نصف النصل الامامي المواجه للهواء اضيق من النصف الخلفي. وهذا التصميم الذي يشبه تصميم منساب هوائي نموذجيا يتيح لكل ريشة طيران ان تعمل كجناح صغير متكامل. بالاضافة الى ذلك، اذا امعنْتَ النظر في ريشة طيران كبيرة، فسترى ثلما على طول الجهة السفلية للعِراق. وهذه الميزة البسيطة في تصميم الريشة تقوّي العِراق مما يسمح له بأن يلتوي وينفتل دون ان ينبعج.

وظائف الريش المتعددة
يتوزع بين الريش الكِفافي عند الكثير من الطيور ريش طويل دقيق يُسمى الريش الخيطي، بالاضافة الى نوع آخر من الريش هو الريش الزغبي المسحوقي. ويُظن ان للطائر مجسّات عند قاعدة الريش الخيطي تنبهه لأي اضطراب في ريشه الخارجي، وربما تساعده ايضا على تحديد سرعته الهوائية. اما الريش الزغبي المسحوقي، وهو النوع الوحيد من الريش الذي ينمو باستمرار ولا يتبدل، فتتفتت بُرائلاته بحيث تصير مسحوقا ناعما يُظن انه يجعل ريش الطائر صامدا للماء.
للريش ايضا وظيفة اخرى، ألا وهي حماية الطائر من الحرارة والبرد والاشعة فوق البنفسجية. فللبط البحري، مثلا، قدرة على تحمل رياح المحيط القارسة. كيف؟ تحت كساء ريشه الكِفافي شبه المنيع طبقة كثيفة من الريش الزغبي الناعم المسمى الريش السفلي، تصل سماكتها الى نحو ٧,‏١ سنتيمتر وتغطي معظم جسم البطة. وهذا الريش الطبيعي عازل حراري فعّال جدا، ولم تُبتكر بعد اية مادة اصطناعية تضاهيه في الفعّالية.
مع الوقت يبلى الريش، فتستبدله الطيور في عملية تُدعى التحسير، تطرح خلالها ريشها القديم وينبت لها ريش جديد. ومعظم الطيور تطرح ريش اجنحتها وذنَبها بالتعاقب والتوازي، بحيث لا تفقد قدرتها على الطيران.

«فائق الحد في الكمال»
يتطلب بناء الطائرات الآمنة دقة متناهية في التصميم والهندسة والتنفيذ. فما القول في الطيور والريش؟ بغياب الأدلَّة الأُحفورية، يحتدم النقاش بين مؤيِّدي التطور حول كيفية نشوء الريش. وتقول مجلة ساينس نيوز (بالانكليزية) ان هذا النقاش تسوده «انفعالات المتشددين» و «حماس علماء الاحافير» و «الشتائم اللاذعة». اعترف احد علماء الاحياء المؤيِّدين لنظرية التطور بعد ندوة دعا اليها حول تطور الريش‏: «لم اتصور قط ان اي مسألة علمية يمكن ان تسبِّب هذا القدر من السلوك القبيح والمرارة». فلو تطور الريش حقا، فما الداعي ان يحتد النقاش حول هذه المسألة الى هذه الدرجة؟!
يذكر دليل علم الطيور - البنى والوظائف في اجسامها (بالانكليزية) الذي اصدرته جامعة يَيل‏: «المشكلة هي ان الريش فائق الحد في الكمال». فلا دليل ان الريش لزمته اية تحسينات على الاطلاق. وفي الواقع «ان اقدم ريشة أُحفورية معروفة لها شكل حديث جدا بحيث لا يمكن تمييزها من ريش الطيور اليوم». غير ان نظرية التطور تفيد بأن الريش لا بد ان يكون قد ظهر نتيجة تغيُّرات تدريجية تراكمت على مر الوقت في الزوائد النامية على جلد الطائر في مراحل اسبق. علاوة على ذلك، كما يقول كتاب دليل علم الطيور، «من المستحيل ان يكون الريش قد تطور دون ان يكون قد اكتسب في كل مرحلة متوسطة ميزات تكيُّفيَّة مفيدة».
بكلمات اخرى، من المستحيل ان يؤدي التطور، حتى نظريا، الى ظهور الريش ما لم تؤدِّ كل مرحلة في سلسلة طويلة من التغيُّرات العشوائية المتوارثة في بنية الريشة الى تحسين فُرَص بقاء الحيوان تحسينا ملموسا. لهذا السبب يجد كثيرون، حتى بين مؤيِّدي نظرية التطور، ان فكرة تطور شيء معقد وكامل من الناحية الوظيفية كالريش هو من شطحات الخيال.
علاوة على ذلك، لو تطور الريش تدريجيا على مر فترات طويلة، لاحتوى سجل الاحافير على اشكال متوسطة. لكن لم توجد قط اشكال كهذه، بل وُجدت فقط بقايا ريش مكتمل. يذكر دليل علم الطيور‏: «لسوء حظ مؤيِّدي نظرية التطور، ان الريش معقد جدا».
الريش وحده غير كافٍ للطيران
ليس كمال الريش إلّا مشكلة واحدة في المعضلة التي يواجهها مؤيِّدو التطور. فقد صُمِّمت جميع اجزاء جسم الطائر لكي تلعب دورا في الطيران. للطائر، مثلا، عظام مجوَّفة خفيفة الوزن وجهاز تنفسي فائق الفعالية، بالاضافة الى عضلات متخصصة تساعده ان يرفرف بجناحَيه ويتحكم فيهما. حتى ان للطائر عددا من العضلات التي تتحكم في وضعية الريشة، وأعصابا تصل كل عضلة بدماغه الصغير المدهش والمُبرمج للتحكم تلقائيا بكل هذه الاجهزة والاعضاء بدقة وفي وقت واحد. نعم، كل هذه العناصر التي تشكل معا وحدة معقدة متكاملة هي ما يمكّن الطائر من الطيران، وليس الريش فقط.
لا تنسَ ايضا ان كل طائر ينمو من خلية واحدة تحتوي على جميع المعلومات اللازمة لنموه ولعمل غرائزه حتى يتمكن يوما ما من الطيران. أفَيُعقل ان يكون كل ذلك قد ظهر نتيجة سلسلة طويلة من الصدَف المؤاتية؟ ام ان التفسير الابسط هو في الوقت نفسه الاقرب الى المنطق والأدق علميا، اي ان الطيور وريشها تشهد شهادة بليغة على انها من ابداع خالق فائق الذكاء؟ ان الادلة غنية عن البيان. -  روما ١‏:٢٠.
 فإن صفاته غير المنظورة، أي قدرته السرمدية وألوهته، ترى بوضوح منذ خلق العالم، لأنها تدرك بالمصنوعات، حتى إنهم بلا عذر.
هذه الريشة الأُحفورية هي من الاركْيوبتَريكس، وهو حيوان منقرض يُشار اليه احيانا على انه «حلقة مفقودة» في سلسلة نسب الطيور الحديثة. لكنّ معظم علماء الاحافير ما عادوا يعتبرونه سلَفا للطيور الحديثة.
«دليل» مزيَّف
  ان بعض «الادلَّة» الأُحفورية التي نودِيَ بها ذات مرة برهانا على تطور الطيور من مخلوقات اخرى، تبيَّن مع الوقت انها مزوَّرة. مثلا، أوردت مجلة ناشونال جيوغرافيك سنة ١٩٩٩ مقالة حول أُحفورة لحيوان مكسو بالريش له ذنَب شبيه بذنَب الدينوصور. وأعلنت المجلة ان هذا الحيوان هو «حقا حلقة مفقودة في السلسلة المعقدة التي تصل بين الدينوصورات والطيور». لكن تبيَّن ان الأُحفورة مزيَّفة، لكونها مركّبة من أُحفورتَين لحيوانَين مختلفَين. وفي الواقع لم تُكتشف قط اية «حلقة مفقودة» بين الدينوصورات والطيور.
من خلال عينَي طائر
  لطالما أُعجب البشر بألوان الطيور الزاهية والتي غالبا ما تكون متقزّحة. لكنّ الريش في اعين الطيور اجمل منه في اعين البشر. فأعين بعض الطيور فيها اربعة انواع من الخلايا المخروطية الحسّاسة للَّون، في حين ان اعيننا فيها ثلاثة انواع فقط. وهذا يتيح للطيور رؤية الضوء فوق البنفسجي الذي لا يستطيع البشر رؤيته. فمع ان ذكور وإناث بعض انواع الطيور تبدو لنا متشابهة، يعكس ريش الذكر الضوء فوق البنفسجي بطريقة مختلفة عن ريش الانثى. ويمكن للطيور ان تميز الفرق، مما يساعدها ان تعثر على رفيق للتزاوج.


Комментариев нет:

Отправить комментарий